نظرية تجزئة الحراسة كأساس للمسؤولية التقصيرية للمنتج
في ظل التطورات الصناعية والتكنولوجية التي يعيشها العالم الحديث، أصبح من الضروري إيجاد آليات قانونية تواكب هذا التقدم السريع وتحقق التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين. من بين هذه الآليات برزت نظرية تجزئة الحراسة كأحد المفاهيم القانونية الحديثة التي غيرت نظرة الفقه إلى المسؤولية التقصيرية للمنتج، فحولتها من مسؤولية قائمة على الحيازة المادية إلى مسؤولية تتعلق بالتحكم في التكوين الداخلي للشيء.
![]() |
| نظرية تجزئة الحراسة كأساس للمسؤولية التقصيرية |
مقدمة البحث
إن نظرية تجزئة الحراسة جاءت نتيجة تطور الفقه والقضاء، بعد أن ظهرت مشكلات عديدة بسبب حوادث المنتجات المعيبة، سواء كانت صناعية أو ميكانيكية أو كيميائية. فقد أصبح من غير المنطقي أن يتحمل الحارس المادي وحده تبعات أضرارٍ سببها المنتج أثناء التصنيع أو التصميم. ومن هنا ظهرت فكرة حارس التكوين، وهو المنتج الذي يتحمل مسؤولية الأضرار الناشئة عن العيوب الداخلية في تكوين المنتج، مقابل حارس الاستعمال، الذي يسأل عن الأضرار الناتجة عن سوء الاستخدام أو الإهمال.
ولأن هذا الموضوع يمس جوهر العدالة في القانون المدني، فقد تناول البحث أبعاده من خلال تحليل فقهي وقضائي دقيق، مع مقارنة بين الموقف الفرنسي والجزائري في هذا الإطار.
إشكالية البحث
تتمثل الإشكالية المركزية للبحث في السؤال التالي:
ما مدى فعالية نظرية تجزئة الحراسة في تحميل المنتج مسؤولية العيوب الداخلية للمنتج، وتحقيق التوازن بين حماية المضرور وضمان حقوق المنتج؟
خطة البحث
المقدمة
المبحث الأول: تطور الفقه والقضاء لنظرية حراسة الأشياء
-
المطلب الأول: دور القضاء في افتراض خطأ المنتج
-
المطلب الثاني: دور الفقه في افتراض خطأ المنتج
المبحث الثاني: النظام القانوني للمسؤولية القائمة على تجزئة الحراسة
-
المطلب الأول: تحديد الأشياء التي تكون حرستها محلاً للحراسة
-
المطلب الثاني: تحديد الحارس المسؤول عن تكوين الشيء
الخاتمة
قائمة المراجع
⚖️ محتوى البحث
المبحث الأول: تطور الفقه والقضاء لنظرية حراسة الأشياء
أوضح الفقه أن نظرية تجزئة الحراسة لم تنشأ من فراغ، بل كانت استجابة طبيعية لتطور الواقع الصناعي. ففي البداية، كان القضاء الفرنسي يعتمد على افتراض مسؤولية الحارس المادي استنادًا إلى المادة 1384 من التقنين المدني الفرنسي. لكن مع ازدياد الحوادث الناتجة عن المنتجات الصناعية، ظهرت الحاجة إلى توسيع مفهوم “الحارس” ليشمل المنتج نفسه.
وبذلك أصبح هناك حارس تكوين مسؤول عن العيوب التقنية التي تنشأ داخل المنتج، وحارس استعمال مسؤول عن الأضرار الناتجة عن استخدامه. أما المشرع الجزائري، فقد تبنى هذا التوجه في المادة 138 من القانون المدني، حيث أقر بمسؤولية حارس الأشياء سواء كانت خطرة أم غير خطرة.
المبحث الثاني: النظام القانوني للمسؤولية القائمة على تجزئة الحراسة
يركز هذا المبحث على الأساس القانوني لتطبيق نظرية تجزئة الحراسة، وذلك عبر تحديد نوعية الأشياء التي تكون محل الحراسة المجزأة، والحارس المسؤول عنها. وقد أكد الفقه أن تطبيق النظرية يرتبط بوجود فعالية ذاتية أو خطورة داخلية في المنتج، تجعل من المستحيل على المستخدم العادي التحكم في مكوناته.
أما في حالة تعدد المنتجين، فإن المسؤولية قد تكون تضامنية بينهم، خاصة عندما يصعب تحديد الجزء المعيب الذي تسبب في الضرر. وهذا ما يعزز حماية المضرور ويكرس العدالة في المسؤولية المدنية.
أهمية النظرية في حماية المستهلك
إن نظرية تجزئة الحراسة لا تمثل مجرد اجتهاد فقهي، بل هي ثورة في مجال المسؤولية المدنية. فهي تمنح المتضرر الحق في مقاضاة المنتج مباشرة دون الحاجة لإثبات الخطأ، ما دام العيب ناشئًا عن التكوين الداخلي للمنتج. بهذا الشكل، تحقق النظرية توازناً دقيقاً بين مصلحة المستهلك في التعويض ومصلحة المنتج في حماية نشاطه الاقتصادي.
كما أنها تعتبر أداة فعالة في مواجهة تحديات العصر الصناعي، إذ لم يعد المستهلك قادراً على معرفة كل تفاصيل المنتجات المعقدة تقنياً، مما يجعل تحميل المنتج جزءاً من المسؤولية أمراً منطقياً وعادلاً.
عدد صفحات البحث والقوانين المستعملة
يبلغ البحث حوالي 13 صفحة، وهو مبني على دراسة قانونية مقارنة بين التشريعين الفرنسي والجزائري.
وقد اعتمد الباحث على المادة 138 من القانون المدني الجزائري كأساس تشريعي للمسؤولية عن فعل الأشياء، مع الإشارة إلى المادة 1384 من القانون المدني الفرنسي كمصدر تاريخي لفكرة الحراسة.
أهم المراجع المعتمدة
-
زاهية حورية سي يوسف، المسؤولية المدنية للمنتج، دار هومه، الجزائر، 2011.
-
محمد عبد القادر الحاج، مسؤولية المنتج والموزع دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983.
-
جابر محجوب علي، المسؤولية التقصيرية للمنتجين والموزعين دراسة مقارنة.
-
REVEL Janine, La responsabilité civile du fabricant, Paris, 1975.
-
القانون المدني الجزائري.
خاتمة
بعد استعراض مختلف الجوانب النظرية والتطبيقية لـ نظرية تجزئة الحراسة، يتضح أنها تشكل نقلة نوعية في الفكر القانوني المدني. فهي تجعل من المنتج فاعلاً مسؤولاً في ضمان سلامة منتجاته، وتفتح أمام المضرورين طريقًا أكثر عدلاً للمطالبة بالتعويض.
ومع ذلك، تظل هذه النظرية بحاجة إلى تطوير تشريعي يحدد بدقة نطاقها الزمني ومعايير تطبيقها، حتى لا تبقى رهينة الاجتهادات القضائية فقط. كما أن المشرع الجزائري مدعو إلى تنظيمها ضمن إطار تشريعي واضح يضمن توازن العلاقة بين المنتج والمستهلك.
ملاحظات ختامية للقراء
هل تبحث عن بحث قانوني جاهز بصيغة PDF حول نظرية تجزئة الحراسة أو مواضيع أخرى في القانون المدني، الإداري أو التجاري؟
لا تتردد في التواصل معنا عبر واتساب: +213659719008 للحصول على نسختك أو لطلب أي بحث آخر يناسب تخصصك الأكاديمي.
وإذا أعجبك المقال، شاركنا رأيك في التعليقات
واكتب لنا: ما هو الموضوع القانوني الذي ترغب أن نكتب عنه في المقال القادم؟
رأيك يساعدنا في إعداد محتوى قانوني ثري يخدم الطلبة والباحثين.
مكتبة بيت الحكمة – منصة معرفية تهتم بتقديم أبحاث أكاديمية قانونية جاهزة ومبسطة للطلبة والمهتمين بالمجال القانوني.
